وتعقبه مولانا شهاب الدين بأن ما ذكر بعينه أشار إليه الشيخ في "دلائل الإعجاز" لأن شيئاً إنما يذكر لقصد التعميم نحو قوله سبحانه :﴿ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ] أو الإبهام وعدم التعيين أو التحقير لادعا أنه لحقارته لا يعرف.
وهنا لو قيل : ليبلونكم بصيد تم المعنى فإقحامها لا بد له من نكتة وهي ما ذكر، وأما ما أورده من الآية الأخرى فشاهد له لا عليه لأن المقصود فيه أيضاً التحقير بالنسبة إلى ما دفعه الله تعالى عنهم كما صرح به المعترض نفسه مع أنه لا يتم الاعتراض به إلا إذا كان ﴿ وَنَقْصٍ ﴾ معطوفاً على مجرور من لو عطف على شيء لكان مثل هذه الآية بلا فرق انتهى.
وقال عصام الملة : يمكن أن يقال : التعبير بالشيء للإبهام المكنى به عن العظمة والتنوين للتعظيم أي بشيء عظيم في مقام المؤاخذة بهتكه إذا آخذ الله تعالى المبتلى به في الأمم السابقة بالمسخ والجعل قردة وخنازير ثم استظهر أن التعبير بذلك لافادة البعضية، ومما قدمنا يعلم ما فيه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وتنكير شيء هنا للتنويع لا للتحقير، خلافاً للزمخشري ومن تابَعه.
وأشار بقوله :﴿ تناله أيديكم ورماحكم ﴾ إلى أنواع الصيد صغيره وكبيره.
فقد كانوا يمسكون الفراخ بأيديهم وما هو وسيلة إلى الإمساك بالأيدي من شباك وحِبالات وجوارح، لأنّ جميع ذلك يؤول إلى الإمساك باليد.
وكانوا يعْدُون وراء الكبار بالخيل والرماح كما يفعلون بالحُمر الوحشية وبقر الوحش، كما في حديث أبي قتادة أنّه : رأى عام الحديبية حماراً وحشياً، وهو غير محرم، فاستوى على فرسه وأخذ رمحه وشدّ وراء الحمار فأدركه فعقره برمحه وأتى به.
إلخ.
وربما كانوا يصيدون برمي النبال عن قسيّهم، كما في حديث "الموطأ" "عن زيد البَهْزي أنّه خرج مع رسول الله ﷺ يريد مكّة فإذا ظبي حاقف فيه سَهم" الحديث.


الصفحة التالية
Icon