الثاني أنهم المحرمون قاله ابن عباس ؛ وتعلق بقوله تعالى :﴿ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ﴾ فإن تكليف الامتناع الذي يتحقق به الابتلاء هو مع الإحرام.
قال ابن العربي : وهذا لا يلزم ؛ فإن التكليف يتحقق في المُحِّل بما شُرط له من أُمور الصيد، وما شُرع له من وصفه في كيفية الاصطياد.
والصحيح أن الخطاب في الآية لجميع الناس مُحلّهم ومُحرمهم ؛ لقوله تعالى :﴿ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله ﴾ أي ليكلفنكم، والتكليف كله ابتلاء وإن تفاضل في الكثرة والقلة، وتباين في الضّعف والشدّة.
الثالثة قوله تعالى :﴿ بِشَيْءٍ مِّنَ الصيد ﴾ يريد ببعض الصيد، فمِن للتبعيض، وهو صيد البر خاصّة ؛ ولم يعمّ الصيد كله لأن للبحر صيدا، قاله الطَّبَريّ وغيره.
وأراد بالصيد المصيد ؛ لقوله :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ ﴾.
الرابعة قوله تعالى :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ بيان لحكم صغار الصيد وكباره.
وقرأ ابن وثّاب والنَّخَعيّ :"يناله" بالياء منقوطة من تحت.
قال مجاهد : الأيدي تنال الفِراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفِر، والرّماح تنال كبار الصيد.
وقال ابن وهب قال مالك قال الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِّنَ الصيد تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ وكل شيء يناله الإنسان بيده أو برمحه أو بشيء من سلاحه فقتله فهو صيد كما قال الله تعالى.
الخامسة خص الله تعالى الأيدي بالذكر لأنها عُظْم التصرف في الاصطياد ؛ وفيها تدخل الجوارح والحِبالات، وما عمل باليد من فِخاخ وشِباك ؛ وخص الرّماح بالذكر لأنها عُظْم ما يجرح به الصيد، وفيها يدخل السهم ونحوه ؛ وقد مضى القول فيما يصاد به من الجوارح والسهام في أوّل السورة بما فيه الكفاية والحمد لله.
السادسة ما وقع في الفخّ والحِبالة فلربّها، فإن ألجا الصيد إليها أحد ولولاها لم يتهيأ له أخذه فربها فيه شريكه.