وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ لما علم عمر رضي الله عنه أن هذا وعيد شديد زائد على معنى انتهوا قال : انتهينا.
وأمر النبيّ ﷺ مناديه أن ينادي في سكك المدينة، ألاَ إنّ الخمر قد حُرّمت ؛ فكسرت الدِّنان، وأُريقت الخمر حتى جرت في سِكك المدينة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾. بتصرف يسير.
وقال الآلوسى :
ثم إنه سبحانه أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام الإنكاري مع الجملة الاسمية مرتباً على ما تقدم من أصناف الصوارف فقال جل شأنه :﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ إيذاناً بأن الأمر في الردع والمنع قد بلغ الغاية وأن الأعذار قد انقطعت بالكلية حتى إن العاقل إذا خلي ونفسه بعد ذلك لا ينبغي أن يتوقف في الانتهاء.
ووجه تلك التأكيدات أن القوم رضي الله تعالى عنهم كما قيل كانوا مترددين في التحريم بعد نزول آية البقرة ( ٩١٢ ) ولذا قال عمر رضي الله تعالى عنه :"اللهم بين لنا في ذلك بياناً شافياً" فنزلت هذه الآية، ولما سمع عمر رضي الله تعالى عنه ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ قال :"انتهينا يا رب"، وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : أول ما نزل في تحريم الخمر
﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ] الآية، فقال بعض الناس : نشربها لمنافعها التي فيها، وقال آخرون : لا خير في شيء فيه إثم ثم نزل ﴿ يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى ﴾ [ النساء : ٤٣ ] الآية فقال بعض الناس : نشربها ونجلس في بيوتنا، وقال آخرون لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين فنزلت :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر ﴾ الآية فانتهوا.