قال سعيد بن جبير : المحرم إذا قتل الصيد خطأ لا يلزمه شيء وهو قول داود وقال جمهور الفقهاء : يلزمه الضمان سواء قتل عمداً أو خطأ حجة داود أن قوله تعالى :﴿وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً﴾ مذكور في معرض الشرط، وعند عدم الشرط يلزم عدم المشروط فوجب أن لا يجب الجزاء عند فقدان العمدية قال : والذي يؤكد هذا أنه تعالى قال في آخر الآية ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ الله مِنْهُ﴾ والانتقام إنما يكون في العمد دون الخطأ وقوله ﴿وَمَنْ عَادَ﴾ المراد منه ومن عاد إلى ما تقدم ذكره، وهذا يقتضي أن الذي تقدم ذكره من القتل الموجب للجزاء هو العمد لا الخطأ وحجة الجمهور قوله تعالى :﴿وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر مَا دُمْتُمْ حُرُماً﴾ [ المائدة : ٩٦ ] ولما كان ذلك حراماً بالاحرام صار فعله محظوراً بالاحرام فلا يسقط حكمه بالخطأ والجهل كما في حلق الرأس وكما في ضمان مال المسلم فإنه لما ثبتت الحرمة لحق المالك لم يتبدل ذلك بكونه خطأ أو عمداً فكذا هاهنا وأيضاً يحتجون بقوله عليه السلام في الضبع كبش إذا قتله المحرم، وقول الصحابة في الظبي شاة، وليس فيه ذكر العمد.
أجاب داود بأن نص القرآن خير من خبر الواحد وقول الصحابي والقياس. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٧٤﴾
فصل
قال الفخر :
ظاهر الآية يدل على أنه يجب أن يكون جزاء الصيد مثل المقتول، إلا أنهم اختلفوا في المثل، فقال الشافعي ومحمد بن الحسن : الصيد ضربان : منه ما له مثل، ومنه ما لا مثل له، فما له مثل يضمن بمثله من النعم، وما لا مثل له يضمن بالقيمة.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : المثل الواجب هو القيمة.