اتفق المسلمون على أن المحرم يحرم عليه الصيد، واختلفوا في الصيد الذي يصيده الحلال هل يحل للمحرم فيه أربعة أقوال : الأول : وهو قول علي وابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وطاوس، وذكره الثوري وإسحاق أنه يحرم عليه بكل حال، وعولوا فيه على قوله ﴿وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر مَا دُمْتُمْ حُرُماً﴾ وذلك لأن صيد البر يدخل فيه ما اصطاده المحرم وما اصطاده الحلال، وكل ذلك صيد البر، وروى أبو داود في "سننه" عن حميد الطويل عن إسحاق بن عبد الله بن الحرث عن أبيه قال : كان الحرث خليفة عثمان على الطائف فصنع لعثمان طعاماً وصنع فيه الحجل واليعاقيب ولحوم الوحش فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فجاءه الرسول فجاء فقالوا له كل فقال علي : أطعمونا قوتاً حلالاً فإنا حرم، ثم قال علي عليه السلام أنشد الله من كان ههنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله فقالوا نعم.
والقول الثاني : أن لحم الصيد مباح للمحرم بشرط أن لا يصطاده المحرم ولا يصطاد له، وهو قول الشافعي رحمه الله، والحجة فيه ما روى أبو داود في "سننه" عن جابر قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم ".
والقول الثالث : أنه إذا صيد للمحرم بغير إعانته وإشارته حل له وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، روي عن أبي قتادة أنه اصطاد حمار وحش وهو حلال في أصحاب محرمين له فسألوا الرسول ﷺ عنه فقال :" هل أشرتم هل أعنتم فقالوا لا.
فقال : هل بقي من لحمه شيء أوجب الإباحة عند عدم الإشارة والإعانة من غير تفصيل ".
واعلم أن هذين القولين مفرعان على تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، والثاني في غاية الضعف. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٨٢ ـ ٨٣﴾