وقال ابن عاشور :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾
استئناف ابتدائي للنهي عن العودة إلى مسائل سألها بعض المؤمنين رسول الله ﷺ ليست في شؤون الدين ولكنّها في شؤون ذاتية خاصّة بهم، فنهوا أن يشغلوا الرسول بمثالها بعد أن قدّم لهم بيان مُهمّة الرسول بقوله تعالى :﴿ ما على الرسول إلاّ البلاغ ﴾ [ المائدة : ٩٩ ] الصالح لأن يكون مقدّمة لمضمون هذه الآية ولمضمون الآية السابقة، وهي قوله :﴿ قل لا يستوي الخبيث والطيّب ﴾ [ المائدة : ١٠٠ ] فالآيتان كلتاهما مرتبطتان بآية ﴿ ما على الرسول إلاّ البلاغ ﴾ [ المائدة : ٩٩ ]، وليست إحدى هاتين الآيتين بمرتبطة بالأخرى.
وقد اختلفت الروايات في بيان نوع هذه الأشياء المسؤول عنها والصحيح من ذلك حديث موسى بن أنس بن مالك عن أبيه في "الصحيحين" قال : سأل الناس رسولَ الله ﷺ حتى أحْفَوْهُ بالمسألة، فصعِد المنبر ذات يوم فقال :" لا تسألونني عن شيء إلاّ بيّنت لكم "، فأنشأ رجل كانَ إذا لاحَى يُدعى لغير أبيه، فقال : يا رسول الله من أبي قال : أبوك حذافة ( أي فدعاه لأبيه الذي يعرف به )، والسائل هو عبد الله بن حُذَافة السَّهمي، كما ورد في بعض روايات الحديث.
وفي رواية لمسلم عن أبي موسى : فقام رجل آخر فقال مَن أبي، قال : أبوك سالم مولى شيبة.
وفي بعض روايات هذا الخبر في غير الصحيح عن أبي هريرة أنّ رجلاً آخر قام فقال : أين أبي.
وفي رواية : أين أنا؟ فقال : في النار.