واجبة الوجود، وما كان كذلك، امتنع أن يكون مخصوصاً بالبعض دون البعض، فوجب كونه متعلقاً بجميع المعلومات، وإذا كان كذلك، كان الله سبحانه عالماً بجميع المعلومات، فلذلك قال :﴿وَأَنَّ الله بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ﴾ فما أحسن هذا الترتيب في هذا التقدير والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٨٤ ـ ٨٥﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ذلك لتعلموا ﴾ "ذَلِكَ" إشارة إلى جعل الله هذه الأُمور قياماً ؛ والمعنى فعل الله ذلك لتعلموا أن الله يعلم تفاصيل أُمور السموات والأرض، ويعلم مصالحكم أيها الناس قبل وبعد، فانظروا لطفه بالعباد على حال كفرهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ ذلك ﴾ أي الجعل المذكور خاصة أو مع ما ذكر من الأمر بحفظ حرمة الإحرام وغيره.
ومحل اسم الإشارة النصب بفعل مقدر يدل عليه السياق وبه تتعلق اللام فيما بعد.
وقيل : محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي الحكم الذي قررناه ذلك أو مبتدأ خبره محذوف أي ذلك الحكم هو الحق والحكم الأول هو الأقرب، والتقدير شرع ذلك ﴿ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾ فإن تشريع هذه الشرائع المستتبعة لدفع المضار الدينية والدنيوية قبل الوقوع وجلب المنافع الأولية والأخروية من أوضح الدلائل على حكمة الشارع وإحاطة علمه سبحانه ﴿ وَأَنَّ الله بِكُلّ شَىْء ﴾ واجباً كان أو ممتنعاً أو ممكناً ﴿ عَلِيمٌ ﴾ كامل العلم، وهذا تعميم إثر تخصيص، وقدم الخاص لأنه كالدليل على ما بعد.
وجوز أن يراد بما في السموات والأرض الأعيان الموجودة فيهما وبكل شيء الأمور المتعلقة بتلك الموجودات من العوارض والأحوال التي هي من قبيل المعاني والإظهار في مقام الإضمار لما مر غير مرة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon