وروى البخاري أيضاً في كتاب " الفتن " عن قتادة : أن أنساً حدثهم قال : سألوا النبيّ ﷺ حتى أحْفَوْه بالمسألة. فصعد النبيّ ﷺ ذات يومٍ المنبر فقال :< لا تسألوني عن شيء إلاّ بينت لكم. فجعلتُ أنظر يميناً وشمالاً، فإذا كلّ رجلٍ، رأسه في ثوبه يبكي. فأنشر رجل - كان إذ لاحى يُدْعى إلى غير أبيه - فقال : يا نبيّ الله ! من أبي ؟ فقال : أبوك حذافة >. ثم أنشأ عمر فقال : رضينا بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبحمدٍّ رسولاً. نعوذ بالله من سوء الفتن.
فقال النبيّ ﷺ :< ما رأيت في الخير والشرّ كاليوم قط. إنه صوّرت لِيَ الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط >.
فكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء ﴾.
وفي رواية : قال قتادة يُذْكَرُ - بالبناء للمجهول - هذا الحديث... الخ
وروى البخاري أيضاً في كتاب " الاعتصام بالكتاب والسنّة " في باب ما يكره من كثرة السؤال، عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ خرج حين زاغت الشمس فصلّى الظهر. فلما سلّم قام إلى المنبر فذكر الساعة. وذكر أن بين يديها أموراً عظاماً. ثم قال :< من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله ! لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا >. قال أنس فأكثر الأنصار البكاء، وكثر رسول الله ﷺ أن يقول : فقال أنس : فقام رجل فقال : أين مدخليْ يا رسول الله ! قال : النار. فقام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي ؟ يا رسول الله ! قال :< أبوك حذافة >. قال : ثم أكثر أن يقول : سلوني. فبرك عمر على ركبتيه فقال : رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد ﷺ رسولاً.
قال : فسكت رسول الله ﷺ حين قال عمر ذلك.