ثم قال رسول الله ﷺ :< والذي نفسي بيده ! لقد عرضت عليّ الجنة والنار آنفاً في عُرْض هذا الحائط وأنا أصلي. فلم أر كاليوم في الخير والشر >.
وعند مسلم : قال ابن شهاب : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة قال : قالت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة : ما سمعتُ بابنِ قطّ أعقَّ منك. أأمنت أن تكون أمك قد قارفت بعض ما تقارف نساء أهل الجاهلية، فتفضحها على أَعْيَن الناس ؟
قال عبد الله بن حذافة : والله ! لو ألحقني بعبد أسود للحقته.
وروى ابن جرير عن السدّي قال : غضب رسول الله ﷺ يوماً من الأيام فقام خطيباً فقال : سلوني. - نحو ما تقدم - وزاد : فقام إليه عمر فقبل رجله وقال : رضينا بالله رباً.. الخ.
وزاد : وبالقرآن إماماً، فاعف عنا عفا الله عنك. فلم يزل به حتى رضي.
وأخرج أيضاً عن أبي هريرة قال :< خرج رسول الله ﷺ وهو غضبان محمارّ وجهه حتى جلس على المنبر. فقام إليه رجل فقال : أين أنا ؟ قال : في النار. - نحو ما مرّ - وفيه : فنزلت :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ ﴾ > الآية.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : وبهذه الزيادة - أي : على ما في البخاريّ من قول رجل للنبيّ ﷺ : أين أنا ؟ قال : في النار. - يتضح أن هذه القصة سبب نزول :﴿ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء ﴾ الآية، فإن المساءة في حق هذا جاءت صريحة، بخلافها في حق حذافة فإنه بطريق الجواز، أي : لو قدر أنه في نفس الأمر لم يكن لأبيه، فبيّن أباه الحقيقيّ، لافتضحت أمه، كما صرحت بذلك أمه حين عاتبته على هذا السؤال. انتهى.