والقول الثاني : البحيرة الناقة التي تنجب خمسة أبطن، فكان آخرها ميتاً ذكراً شقوا أذن الناقة وخلوا عنها، فلا تُحْلَب وَلاَ تُرْكَب تحرجاً، قاله أبو عبيدة.
والقول الثالث : أن البحيرة بنت السائبة، قاله أبو إسحاق، وأما السائبة، فإنها المسيبة المخلاة وكانت العرب تفعل ذلك ببعض مواشيها فتحرم الانتفاع بها على أنفسها تقرباً إلى الله تعالى، قال الشاعر :
عقرتم ناقة كانت لربي... وسائبة فقوموا للعقاب
وكذا كان بعض أهل الإِسلام يعتق عبده سائبة، ولا ينتفع به ولا بولائه، وكان أبو العالية سائبة فلما أُتِي مولاه بميراثه فقال : هو سائبة وأبى أن يأخذه.
وأخرجت المسيبة بلفظ السائبة، كما قيل في عيشة راضية يعني مرضية، وفي السائبة قولان :
أحدهما : أنها الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس فيهن ذكر سُيِّبَتْ فلم يُرْكَب ظهرها ولم يُجَزّ وبرها ولم يَشْرَب لبنَها إلا ضيفٌ، وما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أُذُنُها، وسميت بحيرة، وخُلِّيَتْ مع أمها، قاله محمد بن إسحاق.
والقول الثاني : أنهم كانوا ينذرون السائبة عند المرض فيسيب الرجل بعيره ولا يركب، ولا يجلى عن ماء كالبحيرة، قاله أبو عبيدة.
أما الوصيلة فأجمعوا على أنها من الغنم، وفيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها الشاة إذا ولدت سبعة أبطن نُظِرَ في البطن السابع فإن كان جَدْياً ذبحوه، فأكل الرجال دون النساء، فقالوا هذا حلال لذكورنا، حرام على أزواجنا ونسائنا، وإن كان عناقاً سرحت في غنم الحي، وإن كان جَدْياً وعناقاً، قالوا وصلت أخاها فسميت وصيلة، قاله عكرمة.
القول الثاني : أنها الشاة إذا أتأمت عشر إناث في خمسة أبطن ليس فيهن ذكر، جعلت وصيلة، فقالوا قد وصلت، وكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإِناث قاله محمد بن إسحاق.


الصفحة التالية
Icon