﴿ ذوا عدل منكم ﴾ يعني من أهل دينكم وملتكم يا معشر المؤمنين واختلفوا في هذين الاثنين فقيل هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصي وقيل هما الوصيان لأن الآية نزلت فيهما ولأنه قال تعالى :﴿ فيقسمان بالله ﴾ والشاهد لا يلزمه يمين وجعل الوصي اثنين تأكيداً فعلى هذا تكون الشهادة بمعنى الحضور كقولك : شهدت وصية فلان بمعنى حضرت. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
اختلف المفسرون في قوله ﴿منكم﴾ على قولين : الأول : وهو قول عامة المفسرين أن المراد : اثنان ذوا عدل منكم يا معشر المؤمنين، أي من أهل دينكم وملتكم، وقوله ﴿أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض﴾ يعني أو شهادة آخرين من غير أهل دينكم وملتكم إذا كنتم في السفر، فالعدلان المسلمان صالحان للشهادة في الحضر والسفر، وهذا قول ابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وشريح ومجاهد وابن سيرين وابن جريج.
قالوا : إذا كان الإنسان في الغربة، ولم يجد مسلماً يشهده على وصيته، جاز له أن يشهد اليهودي أو النصراني أو المجوسي أو عابد الوثن أو أي كافر كان وشهادتهم مقبولة، ولا يجوز شهادة الكافرين على المسلمين إلا في هذه الصورة قال الشعبي رحمه الله : مرض رجل من المسلمين في الغربة، فلم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة وأتيا أبا موسى الأشعري، وكان والياً عليها فأخبراه بالواقعة وقدما تركته ووصيته.
فقال أبو موسى : هذا أمر لم يكن بعد لذي كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم حلفهما في مسجد الكوفة بعد العصر، بالله أنهما ما كذبا ولا بدلا وأجاز شهادتهما، ثم إن القائلين بهذا القول، منهم من قال هذا الحكم بقي محكماً ومنهم من قال صار منسوخاً.