الحجة السادسة : أنا إنما نجيز إشهاد الكافرين إذا لم نجد أحداً من المسلمين، والضرورات قد تبيح المحظورات، ألا ترى أنه تعالى أجاز التيمم والقصر في الصلاة، والافطار في رمضان، وأكل الميتة في حال الضرورة، والضرورة حاصلة في هذه المسألة، لأن المسلم إذا قرب أجله في الغربة ولم يجد مسلماً يشهده على نفسه، ولم تكن شهادة الكفار مقبولة فإنه يضيع أكثر مهماته، فإنه ربما وجبت عليه زكوات وكفارات وما أداها.
وربما كان عنده ودائع أو ديون كانت في ذمته، وكما تجوز شهادة النساء فيما يتعلق بأحوال النساء، كالحيض والحبل والولادة والاستهلال لأجل أنه لا يمكن وقوف الرجال على هذه الأحوال، فاكتفينا فيها بشهادة النساء لأجل الضرورة، فكذا ههنا.
وأما قول من يقول : بأن هذا الحكم صار منسوخاً فبعيد، لاتفاق أكثر الأمة على أن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن، وليس فيها منسوخ، واحتج القائلون بالقول الثاني بقوله ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ والكافر لا يكون عدلاً.


الصفحة التالية
Icon