فما دامت قلوبكم واحدة، وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعاً، فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، فإذا اختلفت القلوب والأهواء فعند ذلك جاء تأويلها.
وقوله تعالى :﴿ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ ﴾ يقول : لا يضركم ضلالة من ضلّ ﴿ إِذَا اهتديتم ﴾ إذا ثبتم على الحق ﴿ إِلَى الله ﴾ تعالى ﴿ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ﴾ يوم القيامة ﴿ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في الدنيا.
وقال في رواية الكلبي نزلت في "منذر بن عمرو" بعثه رسول الله ﷺ إلى أهل هجر ليدعوهم إلى الإسلام، فأبوا الإسلام، فوضع عليهم الجزية فقال :﴿ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ ﴾ من أهل هجر، وأقر بالجزية ﴿ إِذَا اهتديتم ﴾ إلى الله يعني آمنتم بالله. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ﴾
في سبب نزولها قولان.
أحدهما :" أن النبي ﷺ كتب إِلى هَجَر، وعليهم المنذر بن ساوي يدعوهم إِلى الإسلام، فإن أبوا فليُؤدُّوا الجزية، فلما أتاه الكتاب، عرضه على مَن عنده من العرب واليهود والنصارى والمجوس، فأقرُّوا بالجزية، وكرهوا الإسلام، فكتب إِليهم رسول الله ﷺ :"أما العرب فلا تقبل منهم إِلا الإسلام أو السّيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية" فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله ﷺ أسلمت العرب، وأعطى أهل الكتاب والمجوس الجزية، فقال منافقوا مكة : عجباً لمحمدٍ يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا، وقد قبل من مجوس هَجر، وأهل الكتاب الجزية، فهلاّ أكرههم على الإسلام، وقد ردَّها على إِخواننا من العرب، فشق ذلك على المسلمين، فنزلت هذه الآية "، رواه أبو صالح عن ابن عباس.