الثالثة : أن يكون راضياً بالمنكر الذي يعمله السلطان متابعاً له عليه، فهذا شريكه في الإثم، والحديث المذكور هو ما قدمنا في سورة البقرة عن أم المؤمنين، أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها أن النَّبي ﷺ قال :" إنَّه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا : يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة " أخرجه مسلم في صحيحه.
فقوله ﷺ " فمن كره " يعني بقلبه، ولم يستطع إنكاراً بيد ولا لسان فقد برئ من الإثم، وأدى وظيفته. ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضي بها وتابع عليها، فهو عاص كفاعلها.
ونظيره حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم، قال : سمعت رسول الله ﷺ قال :" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " وقوله في هذه الآية الكريمة ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ صيغة إغراء يعني : الزموا حفظها كما أشار له في ( الخلاصة ) بقوله :
والفعل من أسمائه عليك... وهكذا دونك مع إليك. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قريء لا يضركم بفتح الراء مجزوماً على جواب قوله ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ وقريء بضم الراء، وفيه وجهان : أحدهما : على وجه الخبر أي ليس يضركم من ضل، والثاني : أن حقها الفتح على الجواب ولكن ضمت الراء اتباعاً لضمة الضاد.
ثم قال تعالى :﴿إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً﴾ يريد مصيركم ومصير من خالفكم ﴿فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ يعني يجازيكم بأعمالكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٩٤﴾
وقال ابن الجوزى :
وفي وقوله :﴿ لا يضركم مَن ضلَّ إِذا اهتديتم ﴾ قولان.


الصفحة التالية
Icon