وهكذا صحح الخليفة الأول - رضوان الله عليه - ما ترامى إلى وهم بعض الناس في زمانه من هذه الآية الكريمة. ونحن اليوم أحوج إلى هذا التصحيح، لأن القيام بتكاليف التغيير للمنكر قد صارت أشق. فما أيسر ما يلجأ الضعاف إلى تأويل هذه الآية على النحو الذي يعفيهم من تعب الجهاد ومشاقه، ويريحهم من عنت الجهاد وبلائه!
وكلا والله! إن هذا الدين لا يقوم إلا بجهد وجهاد. ولا يصلح إلا بعمل وكفاح. ولا بد لهذا الدين من أهل يبذلون جهدهم لرد الناس إليه، ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ولتقرير ألوهية الله في الأرض، ولرد المغتصبين لسلطان الله عما اغتصبوه من هذا السلطان، ولإقامة شريعة الله في حياة الناس، وإقامة الناس عليها.. لا بد من جهد. بالحسنى حين يكون الضالون أفراداً ضالين، يحتاجون إلى الإرشاد والإنارة. وبالقوة حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي التي تصدهم عن الهدى ؛ وتعطل دين الله أن يوجد، وتعوق شريعة الله أن تقوم.
وبعد ذلك - لا قبله - تسقط التبعة عن الذين آمنوا. وينال الضالون جزاءهم من الله حين يرجع هؤلاء وهؤلاء إليه :﴿ إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون ﴾. أ هـ ﴿الظلال حـ ٢ صـ ٩٩١ ـ ٩٩٣﴾