قلت : لا يدل على ذلك والذي عليه أكثر الناس أن المطيع لربه عزَّ وجل لا يكون مؤاخذاً بذنوب أصحاب المعاصي فأما وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فثابت بدليل الكتاب والسنة.
عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لايضركم من ضلَّ إذا اهتديتم ﴾ ولا تضعونها موضعها ولا تدرون ما هي وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إن الناس إذا رأوا ظالماً فلم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب منه " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أبو داود زاد فيه :" ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ولا يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب "
وقال قوم في معنى الآية عليكم أنفسكم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم يقبل منكم قال ابن مسعود مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ما قبل منكم فإن رد عليكم فعليكم أنفسكم، ثم قال : إن القرآن نزل منه أي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن ومنه أي وقع تأويلهن على عهد رسول الله ﷺ ومنه أي وقع تأويلهن بعد رسول الله ﷺ بيسير ومنه أي يقع تأويلهن في آخر الزمان ومنه أي يقع تأويلهن يوم القيامة وهو ما ذكر من الحساب والجنة والنار فما دامت قلوبكم وأهواؤكم واحدة لم تلبسوا شيعاً ولم يذق بعضكم بأس بعض فامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإذا اختلفت قلوبكم وأهواؤكم وألبستم شيعاً وأذيق بعضكم بأس بعض فأمرؤ ونفسه فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon