إعمال الفكر وترتيب النظر فيما أمره الله بالنظر فيه حتى يظهر له الحق فيتبعه، وينهتك لديه الباطل فيجتنبه، ما ذاك إلا لمجرد الهوى، وقد كان الحزم العمل بالحكمة التي كشفها النبي ﷺ بقوله فيما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن شداد بن أوس رضي الله عنه " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " وروى مسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير أحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا - وقال ابن ماجه : ولا تقل : لو أني فعلت كذا وكذا - فإن " لو " تفتح عمل الشيطان "، وفي بعض طرق الحديث :" ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل " يعني : والله! اعمل عمل الحزمة فأوسع النظر حتى لا تترك أمراً يحتمل أن ينفعك ولا يضرك إلا أخذت به، ولا تدع أمراً يحتمل أن يضرك ولا ينفعك إلا تجتنبه، فإنك إن فعلت ذلك وغلبك القضاء والقدر لم نجد في وسعك أمراً تقول : لو أني فعلته أو تركته، ولكنك تقول : قدر الله وما شاء فعل، بخلاف ما إذا لم تنعم النظر وعملت عمل العجزة فإنك حتماً تقول : لو أني فعلت كذا وكذا، لأن الشيطان يفتح لك تلك الأبواب التي نظر فيها الحازم، فيكثر لك من " لو " لأنها مفتاح عمله، وليس في الآية ما يتعلق به من يتهاون في الأمر بالمعروف كما يفعله كثير من البطلة ؛ روى أحمد في المسند عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه " أن النبي ﷺ قال له في أمر رآه : يا أبا عامر! ألا غيرت؟ فتلا هذه الآية :﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾، فغضب رسول الله ﷺ وقال : أين ذهبتم؟ إنما هي لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم " وروى أحمد


الصفحة التالية
Icon