قرأ ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - :" فَتَنْفُخُهَا " بحذف حرف الجر اتساعاً وقرأ الجمهور :" فتكونُ " بالتاء منقوطةً فوقُ، وأبو جعفر منقوطةً تحتُ، أي : فيكونُ المنفوخُ فيه، والضمير في " فِيهَا " قال ابن عطيَّة - رحمه الله - :" اضطربَتْ فيه أقوال المفسِّرين " ؛ قال مكيٌّ :" هو في آل عمران [ الآية ٤٩ ] عائدٌ على الطَّيْر، ولا على الطين، ولا على الهيئة ؛ لأنَّ الطير أو الطائر الذي يَجِيء الطِّين على هيئته، لا يُنْفَخُ فيه ألبتة، وكذلك لا نفخَ في هيئته الخاصَّة به، وكذلك الطينُ إنَّما هو الطينُ العامُّ، ولا نفخَ في ذلك "، وقال الزمخشريُّ رحمه الله :" ولا يرجِعُ الضميرُ إلى الهيئةِ المضافِ إليها ؛ لأنها ليست من خَلْقِه، ولا مِنْ نفخه في شيء، وكذلك الضميرُ في فَتَكُون "، ثم قال ابنُ عطيَّة - رحمه الله - :" والوجهُ عودُ ضميرِ المؤنَّث على ما تقتضيه الآيةُ ضرورةً، أي : صُوَراً، أو أشكالاً، أو أجْساماً، وعودُ الضمير المذكَّر على المخلوقِ المدلولِ عليه بـ " تَخْلُقُ "، ثم قال :" ولَكَ أن تعيدَهُ على ما تَدُلُّ عليه الكافُ من معنى المثل ؛ لأنَّ المعنى : وإذ تَخْلُقُ من الطِّينِ مثل هيئته، ولك أن تعيده على الكاف نَفْسِهَا، فتكون اسماً في غيرِ الشِّعْر ". انتهى، وهذا القولُ هو عينُ ما قبله، فإنَّ الكافَ أيضاً بمعنى مثل، وكونُها اسماً في غير الشعرِ، لم يَقُلْ به غيرُ الأخْفَشِ.
واستشكل الناسُ قولَ مكيٍّ المتقدِّمَ ؛ كما قدَّمْتُ حكايته عن ابن عطية رضي الله عنه.