السلام لتجلّه عن أن تبدأه بسؤال أو تقترح عليه شيئاً في حال من الأحوال، ذكر لهم شأن الحواريين في اقتراحهم بعدما تقدم من امتداحهم بِعَدِّهم في عداد أولي الوحي ومبادرتهم إلى الإيمان امتثالاً للأمر ثم إلى الإشهاد على سبيل التأكيد بتمام الانقياد وسلب الاختيار، فقال معلقاً ب " قالوا آمنا " مقرباً لزمن تعنتهم من زمن إيمانهم، مذكراً لهذه الأمة بحفظها على الطاعة، ومبكتاً لبني إسرائيل بكثرة تقلبهم وعدم تماسكهم إبعاداً لهم عن درجة المحبة فضلاً عن البنوة، وهذه القصة قبل قصة الإيحاء إليهم فتكون " إذ " هذه ظرفاً لتلك، فيكون الإيحاء إليهم بالأمر بالإيمان في وقت سؤالهم هذه بعد ابتدائه، ويكون فائدته حفظهم من أن يسألوا آية أخرى كما سألوا هذه بعدما رأوا منه ﷺ من الآيات :﴿إذ قال﴾ وأعاد وصفهم ولم يضمره تنصيصاً عليهم لبُعد ما يذكر من حالهم هذا من حالهم الأول فقال :﴿الحواريون﴾ وذكر أنهم نادوه باسمه واسم أمه فقالوا :﴿يا عيسى ابن مريم﴾ ولم يقولوا : يا رسول الله ولا يا روح الله، ونحو هذا من التبجيل أو التعظيم ﴿هل يستطيع ربك﴾ بالياء مسنداً إلى الرب وبالتاء الفوقانية مسنداً إلى عيسى عليه السلام ونصب الرب، ومعناهما واحد يرجع إلى التهييج والإلهاب بسبب الاجتهاد في الدعاء بحيث تحصل الإجابة، وتكون هذه العبارة أيضاً للتلطف كما يقول الإنسان لمن يعظمه : هل تقدر أن تذهب معي إلى كذا؟ وهو يعلم أنه قادر، ولكنه يكنى بذلك عن أن السائل يحب ذلك ولا يريد المشقة على