فما يتعلق به علم الإنسان ناشب بوجوده متعلق بواقعيته بأطراف ثم بأطراف أطراف، وهكذا كل ذلك في غيب من إدراك الإنسان فلا يتعلق العلم بحقيقة معنى الكلمة بشئ إلا إذا كان متعلقا بجميع الغيوب في الوجود، ولا يسع ذلك لمخلوق محدود مقدر إنسانا أو غيره إلا لله الواحد القهار الذى عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، قال الله تعالى :" والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ( البقرة : ٢١٦ ) فدل على أن من طبع الإنسان الجهل فلا يرزق من العلم إلا محدودا مقدرا كما قال تعالى :" وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " ( الحجر : ٢١ )
وقال تعالى :" ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " ( البقرة : ٢٥٥ ) فدل على أن العلم كله لله، وإنما يحيط منه الإنسان بما شاء الله، وقال تعالى :" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ( الاسراء : ٨٥ ) فدل على أن هناك علما كثيرا لم يؤت الإنسان إلا قليلا منه.
فإذن حقيقة الأمر أن العلم حق العلم لا يوجد عند غير الله سبحانه، وإذ كان يوم القيامة يوما يظهر فيه الأشياء بحقائقها على ما تفيده الآيات الواصفة لأمره فلا مجال فيه إلا للكلام الحق كما قال تعالى :" لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ذلك اليوم الحق " ( النبأ : ٣٩ ) كان من الجواب الحق إذا ما سئل الرسل فقيل لهم :" ماذا أجبتم " أن يجيبوا بنفى العلم عن أنفسهم لكونه من الغيب، ويثبتوه لربهم سبحانه بقولهم :" لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ".


الصفحة التالية
Icon