قال الفراء : وما كان من نكرة قد وقع عليها أمر جاز في الفعل بعده الجزم والرفع، ومثاله قوله تعالى :﴿فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِى﴾ [ مريم : ٥ ٦ ] بالجزم والرفع ﴿فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ رِدْءاً يُصَدّقُنِى﴾ [ القصص : ٣٤ ] بالجزم والرفع، وأما قوله ﴿عِيداً لأوَّلِنَا وَءاخِرِنَا﴾ أي نتخذ اليوم الذي تنزل فيه المائدة عيداً نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا، ونزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيداً، والعيد في اللغة اسم لما عاد إليك في وقت معلوم، واشتقاقه من عاد يعود فأصله هو العود، فسمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح جديد، وقوله ﴿وآية منك﴾ أي دلالة على توحيدك وصحة نبوة رسولك ﴿وارزقنا﴾ أي وارزقنا طعاماً نأكله وأنت خير الرازقين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٠٩﴾
وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ ﴾ إنما زيدت الميم في آخر اللهم مثقلة عوضاً عن حرف النداء، فلم يجز أن يدخل عليه حرف النداء فلا يقال يا اللهم لأن الميم المُعَوِّضة منه أغنت عنه، فأما قول الشاعر :
وما عليك أن تقولي كلما... سبحت أو هللت يا اللهم
أردد علينا شيخنا مسلما... فإننا من خيره لن نعْدَما
فلأن ضرورة الشعر جوزته.
سأل عيسى ربه، أن ينزل عليهم المائدة التي سألوه، وفي سؤاله وجهان :
أحدهما : أنه تفضل عليهم بالسؤال، وهذا قول من زعم أن السؤال بعد استحكام المعرفة.
والثاني : أنه رغبة منه إلى الله تعالى في إظهار صدقه لهم، وهذا قول من زعم أن السؤال قبل استحكام المعرفة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon