قلت : ثم صحح الترمذي وقفه على عمار وقال : لا نعلم للحديث المرفوع أصلاً، غير أن ذلك لا يضره لكونه لا يقال من قِبَل الرأي، ولا أعلم أحداً ذكر عماراً فيمن أخذ عن أهل الكتاب، فهو مرفوع حكماً، وهذا الخبر يؤكد أن الخبر في الآية على بابه، فيدفع قول من قال : إنها لم تنزل، لأنهم لما سمعوا الشرط قالوا : لا حاجة لنا بها، لأن خبره تعالى لا يخلف ولا يبدل القول لديه، وهذا الرزق الذي من السماء قد وقع مثله لآحاد الأمة ؛ روى البيهقي في أواخر الدلائل عن أبي هريرة قال : كانت امرأة من دوس يقال لها أم شريك أسلمت في رمضان، فأقبلت تطلب من يصحبها إلى رسول الله ﷺ، فلقيت رجلاً من اليهود فقال : ما لك يا أم شريك؟ قالت : أطلب رجلاً يصحبني إلى رسول الله ﷺ، قال : فتعالي فأنا أصحبك، قالت : فانتظرني حتى أملأ سقائي ماءً، قال : معي ماء ما لا تريدين ماءً، فانطلقت معهم فساروا يومهم حتى أمسوا، فنزل اليهودي ووضع سفرته فتعشى وقال : يا أم شريك! تعالي إلى العشاء! فقالت : اسقني من الماء فإني عطشى، ولا أستطيع أن آكل حتى أشرب، فقال لها : لا أسقيك حتى تهودي! فقالت : لا جزاك الله خيراً! غربتني ومنعتني أن أحمل ماء، فقال : لا والله لا أسقيك منه قطرة حتى تهودي، فقالت : لا والله لا أتهود أبداً بعد إذ هداني الله للإسلام ؛ فأقبلت إلى بعيرها فعقلته ووضعت رأسها على ركبته فنامت، قالت : فما أيقظني إلا برد دلو قد وقع على جبيني، فرفعت رأسي فنظرت إلى ماء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، فشربت حتى رويت، ثم نضحت على سقائي حتى ابتل ثم ملأته، ثم رفع بين يديّ وأنا أنظر حتى توارى عني في السماء، فلما أصبحت جاء اليهودي فقال : يا أم شريك! قلت : والله قد سقاني الله، قال : من أين أنزل عليك؟ من السماء؟ قلت : نعم، والله لقد أنزل الله عليّ من السماء ثم رفع بين يدي حتى توارى عني في


الصفحة التالية
Icon