ومن فوائد ابن كثير فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥) ﴾
هذه قصة المائدة، وإليها تنسب السورة فيقال :"سورة المائدة". وهي مما امتن الله به على عبده ورسوله عيسى، عليه السلام، لما أجاب دعاءه بنزولها، فأنزلها الله آية ودلالة معجزة باهرة وحجة قاطعة.
وقد ذكر بعض الأئمة أن قصة المائدة ليست مذكورة في الإنجيل، ولا يعرفها النصارى إلا من المسلمين، فالله أعلم.
فقوله تعالى :﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ﴾ وهم أتباع عيسى عليه السلام :﴿ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ﴾ هذه قراءة كثيرين، وقرأ آخرون :"هل تَسْتَطيع رَبَّك" أي : هل تستطيع أن تسأل ربك ﴿ أَنْ يُنزلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾.
والمائدة هي : الخوان عليه طعام. وذكر بعضهم أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم فسألوا أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها، ويتقوون بها على العبادة.
قال :﴿ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ أي : فأجابهم المسيح، عليه السلام، قائلا لهم : اتقوا الله، ولا تسألوا هذا، فعساه أن يكون فتنة لكم، وتوكلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين.