﴿عِيسَى ابن مَرْيَمَ﴾ يجوز أن يكون ﴿عِيسَى﴾ في محل الرفع لأنه منادى مفرد وصف بمضاف ويجوز أن يكون في محل النصب لأنه في نية الإضافة ثم جعل الابن توكيداً وكل ما كان مثل هذا جاز فيه وجهان نحو يا زيد بن عمرو، ويا زيد بن عمرو، وأنشد النحويون :
يا حكم بن المنذر بن الجارود.. برفع الأول ونصبه على ما بيناه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٠٣ ـ ١٠٤﴾
وقال الثعلبى :
قوله ﴿ إِذْ قَالَ الله يا عيسى ابن مَرْيَمَ ﴾ يعني حين قال اللّه يا عيسى بن مريم، محل عيسى نصب لأنه نداء المنصوب إذا جعلته نداء واحداً، فإن شئت جعلته ندائين فيكون عيسى في محل الرفع لأنه نداء مفرد وابن في موضع النصب لأنه نداء مضاف، وتقدير الكلام يا عيسى يابن مريم. نظيره قوله :
يا حكم بن المنذر بن الجارود | أنت الجواد ابن الجواد ابن الجود |
وقال الآلوسى :
﴿ إِذْ قَالَ الله ياعيسى عِيسَى ابن مَرْيَمَ ﴾ بدل من ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ] وقد نصب بإضمار اذكر، وقيل : في محل رفع على معنى ذاك إذ وليس بشيء، وصيغة الماضي لما مر آنفاً من الدلالة على تحقق الوقوع، والمراد بيان ما جرى بينه تعالى وبين فرد من الرسل المجموعين ( من المفاوضة ) على التفصيل إثر بيان ما جرى بينه عز وجل وبين الكل على وجه الإجمال ليكون ذلك كالأنموذج على تفاصيل أحوال الباقين، وتخصيص عيسى عليه السلام بالذكر لما أن شأنه عليه الصلاة والسلام متعلق بكلا فريقي أهل الكتاب المفرطين والمفرطين الذين نعت هذه السورة الكريمة جناياتهم فتفصيله أعظم عليهم وأجلب لحسراتهم، وإظهار الاسم الجليل ( في مقام الإضمار ) لما مر ( من المبالغة في التهويل ).