وعيسى مبني عند الفراء ومتابعيه إما على ضمة مقدرة أو على فتحة كذلك إجراء له مجرى يا زيد بن عمرو في جواز ضم المنادى وفتحه عند الجمهور، وهذا إذا أعرب ابن صفة لعيسى، أما إذا أعرب بدلاً أو بياناً فلا يجوز تقدير الفتحة إجمالاً كما بين في كتب النحو. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
قوله :﴿ إذ قال الله يا عيسى ابن مريم ﴾ ظرف، هو بدل من ﴿ يومَ يجمع الله الرسل ﴾ بدل اشتمال، فإنّ يوم الجمع مشتمل على زمن هذا الخطاب لعيسى، ولذلك لم تعطف هذه الجملة على التي قبلها.
والمقصود من ذكر ما يقال لعيسى يومئذٍ هو تقريع اليهود.
والنصارى الذين ضلّوا في شأن عيسى بين طرفي إفراط بغض وإفراط حبّ.
فقوله ﴿ اذكر نعمتي عليك ﴾ إلى قوله ﴿ لا أعذّبه أحداً من العالمين ﴾ [ المائدة : ١١٥ ] استئناس لعيسى لئلاّ يفزعه السؤال الوارد بعده بقوله :﴿ أأنت قلت للناس الخ...
[ المائدة : ١١٦ ] وهذا تقريع لليهود، وما بعدها تقريع للنصارى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قوله ﴿نِعْمَتِى عَلَيْكَ﴾ أراد الجمع كقوله ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾ [ النحل : ١٨ ] وإنما جاز ذلك لأن مضاف يصلح للجنس.
واعلم أن الله تعالى فسّر نعمته عليه بأمور : أولها : قوله ﴿إِذَ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ القدس﴾ وفيه وجهان : الأول : روح القدس هو جبريل عليه السلام، الروح جبريل والقدس هو الله تعالى، كأنه أضافه إلى نفسه تعظيماً له.
الثاني : أن الأرواح مختلفة بالماهية فمنها طاهرة نورانية ومنها خبيثة ظلمانية، ومنها مشرقة، ومنها كدرة، ومنها خيرة، ومنها نذلة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" الأرواح جنود مجندة " فالله تعالى خصّ عيسى بالروح الطاهرة النورانية المُشْرِقة العلوية الخَيّرة.


الصفحة التالية
Icon