وقال الثعلبى :
﴿ اذكر نِعْمَتِي ﴾ قال الحسن : ذكر النعمة شكرها وأراد بقوله نعمتي نعمي لفظه واحد ومعناه الجمع كقوله تعالى ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ] أراد نعم اللّه لأن العدد لا ينفع على الواحد ﴿ عَلَيْكَ ﴾ يا عيسى ﴿ وعلى وَالِدَتِكَ ﴾ مريم، ثم ذكر النعم ﴿ إِذْ أَيَّدتُّكَ ﴾ قويّتك وأعنتك ﴿ بِرُوحِ القدس ﴾ يعني جبرئيل ﴿ تُكَلِّمُ الناس فِي المهد ﴾ صبياً ﴿ وَكَهْلاً ﴾ نبياً ﴿ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكتاب ﴾ قال ابن عباس : أرسله اللّه وهو ابن ثلاثين سنة فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه اللّه إليه.
﴿ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكتاب ﴾ يعني الخط ﴿ والحكمة ﴾ يعني العلم والقيم ﴿ والتوراة والإنجيل ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
و( على ) في قوله تعالى :﴿ اذكر نِعْمَتِى عَلَيْكَ وعلى والدتك ﴾ متعلقة بنعمتي جعل مصدراً أي اذكر إنعامي أو بمحذوف وقع حالاً من نعمة إن جعل اسماً أي أذكر نعمتى كائنة عليك الخ، وعلى التقديرين يراد بالنعمة ما هو في ضمن المتعدد، وليس المراد كما قال شيخ الإسلام بأمره عليه السلام يومئذ بذكر النعمة المنتظمة في سلك التعديد تكليفه عليه السلام بشكرها والقيام بمواجبها ولات حين تكليف مع خروجه عليه السلام عن عهدة الشكر في أوانه أي خروج بل إظهار أمره عليه السلام بتعداد تلك النعم حسبما بينه الله تعالى اعتداداً بها وتلذذاً بذكرها على رؤوس الأشهاد ويكون حكاية ذلك على ما أنبأ عنه النظم الكريم توبيخاً للكفرة من الفريقين المختلفين في شأنه عليه السلام إفراطاً وتفريطاً وإبطالاً لقولهما جميعاً.
﴿ إِذْ أَيَّدتُّكَ ﴾ ظرف لنعمتي أي أذكر إنعامي عليكما وقت تأييدي لكما أو حال منها أي أذكرها كائنة وقت ذلك، وقيل : بدل اشتمال منها وهو في المعنى تفسير لها.


الصفحة التالية
Icon