وجوز أبو البقاء أن يكون مفعولاً به على السعة، وقرىء "آيدتك" بالمد ووزنه عند الزمخشري أفعلتك وعند ابن عطية فاعلتك، قال أبو حيان : ويحتاج إلى نقل مضارعه من كلام العرب فإن كان يؤايد فهو فاعل وإن كان يؤيد فهو أفعل ومعناه ومعنى أيد واحد، وقيل : معناه بالمد القوة وبالتشديد النصر وهما كما قيل متقاربان لأن النصر قوة.
﴿ بِرُوحِ القدس ﴾ أي جبريل عليه السلام أو الكلام الذي يحيى به الدين ويكون سبباً للطهر عن أوضار الآثام أو تحيى بها الموتى أو النفوس حياة أبدية أو نفس روحه عليه السلام حيث أظهرها سبحانه وتعالى روحاً مقدسة طاهرة مشرقة نورانية علوية، وكون هذا التأييد نعمة عليه عليه الصلاة والسلام مما لا خفاء فيه، وأما كونه نعمة على والدته فلما ترتب عليه من براءتها مما نسب إليها وحاشاها وغير ذلك.
﴿ تُكَلّمُ الناس فِى المهد ﴾ أي طفلاً صغيراً، وما في النظم الكريم أبلغ من التصريح بالطفولية وأولى لأن الصغير يسمى طفلاً إلى أن يبلغ الحلم فلذا عدل عنه، والظرف في موضع الحال من ضمير ﴿ تُكَلّمَ ﴾.
وجوز أن يكون ظرفاً للفعل.
والجملة إما استئناف مبين لتأييده عليه الصلاة والسلام أو في موضع الحال من الضمير المنصوب في ﴿ أَيَّدتُّكَ ﴾ كما قال أبو البقاء.
والمهد معروف.
وعن الحسن أن المراد به حجر أمه عليهما السلام، وأنكر النصارى كلامه عليه الصلاة والسلام في المهد وقالوا إنما تكلم عليه السلام أوان ما يتكلم الصبيان وقد تقدم مع جوابه.
وقوله تعالى :﴿ وَكَهْلاً ﴾ للإيذان على ما قيل بعدم تفاوت كلامه عليه الصلاة والسلام طفولية وكهولة لا لأن كلا منهما آية فإن التكلم في الكهولة معهود من كل أحد.
وقال الإمام : إن الثاني أيضاً معجزة مستقلة لأن المراد تكلم الناس في الطفولية وفي الكهولة حين تنزل من السماء لأنه عليه الصلاة والسلام حين رفع لم يكن كهلاً.


الصفحة التالية
Icon