روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أظهر هذه المعجزات العجيبة قصد اليهودُ قتلَه فخلصه الله تعالى منهم حيث رفعه إلى السماء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٠٥﴾. بتصرف يسير.
وقال الآلوسى :
﴿ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِى إسرائيل عَنكَ ﴾ يعني اليهود حين هموا بقتله ولم يتمكنوا منه.
﴿ إِذْ جِئْتَهُمْ بالبينات ﴾ أي المعجزات الواضحة مما ذكر وما لم يذكر وهو ظرف لكففت مع اعتبار قوله تعالى :﴿ فَقَالَ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ وهو مما يدل على أنهم قصدوا اغتياله عليه الصلاة والسلام المحوج إلى الكف أي كففتهم عنك حين قالوا ذلك عند مجيئك إياهم بالبينات، ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز الصلة.
فكلمة من بيانية وهذا إشارة إلى ما جاء به. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وإذ كففت بني إسرائيل عنك ﴾ عطف على ﴿ إذْ أيّدتك ﴾ وما عطف عليه.
وهذا من أعظم النعم، وهي نعمة العصمة من الإهانة ؛ فقد كفّ الله عنه بني إسرائيل سنين، وهو يدعو إلى الدين بين ظهرانيهم مع حقدهم وقلّة أنصاره، فصرفهم الله عن ضرّه حتى أدّى الرسالة، ثمّ لمّا استفاقوا وأجمعوا أمرهم على قتله عصمه الله منهم فرفعه إليه ولم يظفروا به، وماتت نفوسهم بغيظها.
وقد دلّ على جميع هذه المدّة الظرف في قوله :﴿ إذ جئتم بالبيّنات ﴾ فإنّ تلك المدّة كلّها مدّة ظهور معجزاته بينهم.
وقوله :﴿ فقال الذين كفروا منهم ﴾ تخلّص من تنهية تقريع مكذّبيه إلى كرامة المصدّقين به.
واقتصر من دعاوي تكذيبهم إيّاه على قولهم ﴿ إنْ هذا إلاّ سحر مبين ﴾، لأنّ ذلك الادّعاء قصدوا به التوسّل إلى قتله، لأنّ حكم الساحر في شريعة اليهود القتل إذ السحر عندهم كفر، إذ كان من صناعة عبدة الأصنام، فقد قرنت التوراة السحر وعِرافةَ الجانّ بالشرك، كما جاء في سفر اللاويّيين في الإصحاح العشرين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾