قال ابن عباس : أرسل الله عيسى عليه السلام وهو ابن ثلاثين سنة فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه الله إليه ﴿ وإذ علمتك الكتاب والحكمة ﴾ يعني الكتابة وهي الخط والحكمة الفهم والاطلاع على أسرار العلوم ﴿ والتوراة والإنجيل ﴾ أي وعلمتك التوراة التي أنزلتها على موسى والإنجيل الذي أنزلته عليك ﴿ وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ﴾ يعني وإذ تجعل وتصور من الطين كصورة ﴿ الطير بإذني ﴾ ﴿ فتنفخ فيها ﴾ ذكر هنا فيها سورة آل عمران فيه يعني بالضمير في قوله فيها يعود إلى الهيئة بجعلها مصدراً كما يقع اسم الخلق على المخلوق وذلك لأن النفخ لا يكون في الهيئة إنما يكون في المهيأ وذي الهيئة ويجوز أن يعود الضمير إلى الطير لأنها مؤنثة قال الله تعالى :﴿ أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ﴾ وأما الضمير المذكور في آل عمران في قوله فيه فيعود إلى الكاف يعني في ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير ﴿ فتكون طيراً بإذني ﴾ وإنما كرر قوله بإذني تأكيداً لكون ذلك الخلق واقعاً بقدرة الله وتخليقه لا بقدرة عيسى عليه السلام وتخليقه لأن المخلوق لا يخلق شيئاً إنما خالق الأشياء كلها هو الله تعالى لا خالق لها سواه وإنما كان الخلق لهذا الطير معجزة لعيسى عليه السلام أكرمه الله بها وكذا قوله تعالى :﴿ وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني ﴾ يعني وتشفي الأكمه وهو الأعمى المطموس البصر والأبرص معروف ظاهر ﴿ وإذ تخرج الموتى ﴾ يعني من قبورهم أحياء ﴿ بإذني ﴾ تفعل ذلك كله بدعائك والفاعل لهذه الأشياء كلها في الحقيقة هو الله تعالى لأنه هو المبرئ للأكمه والأبرص وهو محيي الموتى وهو على كل شيء قدير وإنما كانت هذه الأشياء معجزات لعيسى عليه السلام ووقعت بإذن الله تعالى وقدرته.


الصفحة التالية
Icon