﴿ إِذْ أَيَّدتُّكَ ﴾ ظرف لنعمتي أي اذكر إنعامي عليكما وقت تأييدي لك أو حال منها، أي اذكرها كائنة وقت تأييدي لك، وقرىء ( آيدتُك ) والمعنى واحد أي قويتك ﴿ بِرُوحِ القدس ﴾ بجبريلَ عليه السلام لتثبيت الحجة أو بالكلام الذي يحيى به الدين وإضافته إلى القدس لأنه سبب الطهر عن أوضار الآثام، أو يحيى به الموتى أو النفوسُ حياةً أبدية، وقيل : الأرواحُ مختلفةُ الحقائق، فمنها طاهرةٌ نورانية، ومنها خبيثةٌ ظُلمانية، ومنها مشرقةٌ، ومنها كَدِرةٌ، ومنها حُرة، ومنها نذْلة، وكان روحُه عليه الصلاة والسلام طاهرةً مشرقةً نورانية عُلوية، وأياً ما كان فهو نعمة عليهما ﴿ تُكَلّمُ الناس فِى المهد وَكَهْلاً ﴾ استئناف مبين لتأييده عليه السلام أو حال من الكاف، وذكر تكليمه عليه السلام في حال الكهولة لبيان أم كلامه عليه السلام في تينك الحالتين كان على نسق واحد بديعٍ صادراً عن كمال العقل مقارِناً لرزانة الرأي والتدبير، وبه استُدل على أنه عليه السلام سينزِل من السماء لِما أنه عليه السلامُ رفع قبل التكهُّل، قال ابن عباس رضي الله عنهما : أرسله الله تعالى وهو ابن ثلاثين سنةً، ومكث في رسالته ثلاثين شهراً، ثم رفعه الله تعالى إليه ﴿ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكتاب ﴾ عطف على قوله تعالى :﴿ إِذْ أَيَّدتُّكَ ﴾ منصوب بما نصبه، أي اذكر نعمتي عليكما وقت تعليمي لك الكتاب ﴿ والحكمة ﴾ أي جنسهما ﴿ والتوراة والإنجيل ﴾ خُصا بالذكر مما تناوله الكتابُ والحكمةُ إظهاراً لشرفهما، وقيل : الخطُّ والحكمةُ الكلامُ المُحكَم الصواب.


الصفحة التالية
Icon