وَلاَ يَنسَى الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّن نبات شتى } [ طه : ٥٢، ٥٣ ] فإن موسى عليه السلام لا يقول فأخرجنا بل فأخرج الله تعالى لكن لما حكاه الله تعالى عنه عليه السلام رد الكلام إليه عز شأنه وأضاف الإخراج إلى ذاته عز وجل على طريقة المتكلم لا الحاكي وإن كان أول الكلام حكاية.
ومثله قوله تعالى :﴿ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم ﴾ إلى قوله سبحانه :﴿ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً ﴾ [ الزخرف : ٩ ١١ ] إلى غير ذلك.
وقال أبو حيان :"يجوز أن يكون المفسر ﴿ اعبدوا الله ﴾ ويكون ﴿ رَبّى وَرَبَّكُمْ ﴾ من كلام عيسى عليه السلام على إضمار أعني ( أي أعني ربي وبكم ) لا على الصفة" لله عز اسمه واعتمده ابن الصائغ وجعله نظير قوله تعالى :﴿ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله ﴾ [ النساء : ٧٥١ ] على رأي.
وفي "أمالي ابن الحاجب" إذا حكى حاك كلاماً فله أن يصف المخبر عنه بما ليس في كلام المحكي عنه، واستبعد ذلك الحلبي والسفاقسي وهو الذي يقتضيه الإنصاف.
وقيل على الأول : إن بعضهم أجاز وقوع أن المفسرة بعد لفظ القول ولم يقتصر بها على ما في معناه فيقع حينئذٍ مفسراً له لكن أنت تعلم أنه لا ينبغي الاختلاف في أنه لا يقترن المقول المحكي بحرف التفسير لأن مقول القول في محل نصب على المفعولية والجملة المفسرة لا محل لها فلعل مراد البعض مجرد الوقوع والتزام أن المقول محذوف وهو المحكي وهذا تفسير له أي ما قلت لهم مقولاً فتدبر فقد انتشرت كلمات العلماء هنا.


الصفحة التالية
Icon