﴿ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ﴾ أي رقيباً أراعي أحوالهم وأحملهم على العمل بموجب أمرك من غير واسطة ومشاهداً لأحوالهم من إيمان وكفر، و﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ كما قال أبو البقاء متعلق بشهيداً، لعل التقديم لما مر غير مرة ﴿ مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ﴾ أي مدة دوامي فيما بينهم ﴿ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى ﴾ أي قبضتني بالرفع إلى السماء كما يقال توفيت المال إذا قبضته.
وروي هذا عن الحسن وعليه الجمهور.
وعن الجبائي أن المعنى أمتني وادعى أن رفعه عليه السلام إلى السماء كان بعد موته وإليه ذهب النصارى وقد مر الكلام في ذلك.
﴿ كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي الحفيظ المراقب فمنعت من أردت عصمته عن المخالفة بالإرشاد إلى الدلائل والتنبيه عليها بإرسال الرسول وإنزال الآيات وخذلت من خذلت من الضالين فقالوا ما قالوا، وقيل : المراد بالرقيب المطلع المشاهد، ومعنى الجملتين إني ما دمت فيهم كنت مشاهداً لأحوالهم فيمكن لي بيانها فلما توفيتني كنت أنت المشاهد لذلك لا غيرك فلا أعلم حالهم ولا يمكنني بيانها، ولا يخفى أن الأول أوفق بالمقام، وقد نص بعض المحققين أن الرقيب والشهيد هنا بمعنى واحد وهو ما فسر به الشهيد أولاً ولكن تفنن في العبارة ليميز بين الشهيدين والرقيبين لأن كونه عليه الصلاة والسلام رقيباً ليس كالرقيب الذي يمنع ويلزم بل كالشاهد على المشهود عليه ومنعه بمجرد القول وأنه تعالى شأنه هو الذي يمنع منع إلزام بالأدلة والبينات، و﴿ أَنتَ ﴾ ضمير فصل أو تأكيد و﴿ الرَّقِيبَ ﴾ خبر كان.
وقرىء ﴿ الرَّقِيبَ ﴾ بالرفع على أنه خبر ( أنت )، والجملة خبر كان و﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ في القراءتين متعلق بالرقيب.


الصفحة التالية
Icon