والمراد من الصادقين الأمم ومن صدقهم صدقهم في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ وهو ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله تعالى وهو كما ترى، وقيل : المراد صدقهم المستمر في دنياهم إلى آخرتهم ليتسنى كون ما ذكر شهادة بصدق عيسى عليه السلام فيما قاله جواباً عن السؤال على ما يقتضيه السوق، ويكون النفع باعتبار تحققه في الدنيا والمطابقة لما يقتضيه السوق باعتبار تقرره ووقوع بعض جزئياته في الآخرة، والمستمر هو الأمر الكلي الذي هو الاتصاف بالصدق، ولا يلزم من هذا محذور مدخلية الصدق الأخروي في الجزاء، ولا يحتاج إلى جعل الصدق الأخروي شرطاً في نفع الصدق الدنيوي والمجازاة عليه، ولعل فيما تقدم غنى عن هذا كما لا يخفى على الناظر، وقيل : المراد من الصادقين النبيون ومن صدقهم صدقهم في الدنيا بالتبليغ ويكون مساق الآية للشهادة بصدقه عليه السلام في قوله :﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِى بِهِ ﴾ [ المائدة : ١١٧ ] وأنت تعلم أن هذا الغرض حاصل على تقدير التعميم وزيادة.
وقيل : المراد من الصدق الصدق في الدنيا إلا أن المراد من الصادقين الأمم، والكلام مسوق لرد عرض عيسى عليه السلام المغفرة عليه سبحانه وتعالى كأنه قيل : هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لا غير فلا مغفرة لهؤلاء، ولا يخفى أن التعميم لا ينافي كون الكلام مسوقاً لما ذكر على تقدير تسليم ذلك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾

فصل


قال ابن عاشور :
﴿ قَالَ الله ﴾جواب عن قول عيسى، فلذلك فصلت الجملة على طريقة الحوار.
والإشارة إلى يوم القيامة وهو حاضر حين تجري هذه المقاولة.
وجملة :﴿ ينفع الصادقين صدقهم ﴾ مضاف إليها ﴿ يوم ﴾، أي هذا يوم نفْع الصدق. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ جمهور القرّاء ﴿يَوْم﴾ بالرفع، وقرأ نافع بالنصب، واختاره أبو عبيدة.


الصفحة التالية
Icon