وقرأ الأعمش ﴿ يَوْمٍ ﴾ بالرفع والتنوين على أنه خبر ﴿ هذا ﴾ والجملة بعده صفته بحذف العائد، وقرأ ﴿ صِدْقُهُمْ ﴾ بالنصب على أن يكون فاعل ﴿ ينفَعُ ﴾ ضمير الله تعالى، و﴿ صِدْقُهُمْ ﴾ كما قال أبو البقاء إما مفعول له أي لصدقهم أو منصوب بنزع الخافض أي بصدقهم أو مصدر مؤكد أو مفعول به على معنى يصدقون الصدق كقولك : صدقته القتال، والمراد يحققون الصدق. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقد قرأ غير نافع من العشرة ﴿ يومُ ﴾ مضموماً ضمّة رفع لأنّه خبرُ ﴿ هذا ﴾.
وقرأه نافع مفتوحاً على أنّه مبني على الفتح لإضافته إلى الجملة الفعلية.
وإضافة اسم الزمان إلى الجملة الفعلية تسوّغ بناءه على الفتح، فإن كانت ماضوية فالبناء أكثر، كقول النابغة:
على حينَ عَاتبتُ المشيبَ على الصّبا...
وإن كانت مضارعية فالبناء والإعراب جائزان كما في هذه الآية، وهو التحقيق.
وإضافة الظرف إلى الجملة تقتضي أنّ مضمونها يحصل فيه، فنفع الصدق أصحابه حاصل يومئذٍ.
وعموم الصادقين يشمل الصدق الصادر في ذلك اليوم والصادر في الدنيا، فنفع كليهما يظهر يومئذٍ ؛ فأمّا نفع الصادر في الدنيا فهو حصول ثوابه، وأمّا نفع الصادر في الآخرة كصدق المسيح فيما قاله فهو برضى الله عن الصادق أو تجنّب غضبه على الذي يكذّبه فلا حيرة في معنى الآية.
والمراد بِ ﴿ الصادقين ﴾ الذين كان الصدق شعارهم لم يعدلوا عنه.
ومن أوّل مراتب الصدق صدق الاعتقاد بأن لا يعتقدوا ما هو مخالف لما في نفس الأمر ممّا قامَ عليه الدليل العقلي أو الشرعي.
قال الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾ ( ١١٩ ).


الصفحة التالية
Icon