وقال أبو السعود :
﴿ لَهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾ استئناف مَسوقٌ لبيان النفع المذكور كأنه قيل : ما لهم من النفع؟ فقيل : لهم نعيمٌ دائم وثوابٌ خالد، وقوله تعالى :﴿ رَّضِىَ الله عَنْهُمْ ﴾ استئنافٌ آخرُ لبيان أنه عز وجل أفاض عليهم غيرَ ما ذُكر من الجنات ما لا قدْرَ لها عنده، وهو رضوانُه الذي لا غايةَ وراءَه كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ إذ لا شيء أعزُّ منه حتى يمتدَّ إليه أعناقُ الهمم ﴿ وذلك ﴾ إشارةٌ إلى نيل رضوانه تعالى، وقيل : إلى نيل الكل ﴿ الفوز العظيم ﴾ لما أن عِظَمَ شأنِ الفوز تابعٌ لعِظَم شأن المطلوب الذي تعلّق به الفوز. وقد عرفت ألا مطلبَ وراء ذلك أصلاً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ لَهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾ تفسير للنفع ولذا لم يعطف عليه كأنه قيل : ما لهم من النفع؟ فقيل : لهم نعيم دائم وثواب خالد، وقوله سبحانه :﴿ رَّضِىَ الله عَنْهُمْ ﴾ بيان لكونه تعالى أفاض عليهم غير ما ذكر وهو رضوانه عز وجل الذي لا غاية وراءه كما ينبىء عن ذلك قوله سبحانه :﴿ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ إذ لا شيء أعز منه حتى تمد إليه أعناق الآمال ﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى نيل رضوانه جل شأنه كما اختاره بعض المحققين أو إلى جميع ما تقدم كما اختاره في "البحر" وإليه يشير ما روي عن الحسن ﴿ الفوز العظيم ﴾ الذي لا يحيط به نطاق الوصف ولا يوقف على مطلب يدانيه أصلاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة :﴿ لهم جنات ﴾ مبيّنة لجملة :﴿ ينفع ﴾ باعتبار أنّها أكمل أحوال نفع الصدق.
وجملة ﴿ تجري من تحتها الأنهار ﴾ صفة ل ﴿ جنَّات ﴾ و﴿ خالدين ﴾ حال.
وكذلك جملة ﴿ رضي الله عنهم ورضوا عنه ﴾.
ومعنى :﴿ رضوا عنه ﴾ المسرة الكاملة بما جازاهم به من الجنّة ورضوانه.
وأصل الرضا أنّه ضدّ الغضب، فهو المحبّة وأثرها من الإكرام والإحسان.
فرضي الله مستعمل في إكرامه وإحسانه مثل محبّته في قوله :﴿ يحبّهم ﴾.
ورضي الخلق عن الله هو محبّته وحصول ما أمَّلوه منه بحيث لا يبقى في نفوسهم متطلّع.
واسم الإشارة في قوله ﴿ ذلك ﴾ لتعظيم المشار إليه، وهو الجنّات والرضوان. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon