وفى غيرها :﴿سِيرُواْ فِي الأَرْضِ[ فَانْظُرُواْ﴾ لأَنَّ ثُمَّ للتراخى، والفاءَ للتعقيب، وفى هذه السّورة تقدّم ذكرُ القرون فى قوله ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ ثمّ قال ﴿وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًت ءَاخَرِيْنَ﴾ فأُمِرُوا باستقراءِ الدِّيار، وتأَمُّل الآثار، وفيها كثرة فيقع ذلك (فى) سير بعد سير، وزمان بعد زمان، فخصّت بثمّ الدّالة على التَّراخى بعد الفعلين، ليُعلَم أَنَّ
السّير مأمور به على حِدَة ؛ ولم يتقدّم فى سائر السّور مثلُها، فخُضّت بالفاءِ الدَّالة على التعقيب.
قوله ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ ليس بتكرار لأَنَّ الأَوّل فى حقِّ الكفَّار، (والثانى) فى حقِّ أَهل الكتاب.
قوله ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ[ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ وقال فى يونس (فمن) بالفاءِ، وخَتم الآية بقوله ﴿إِنَّهُ] لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُوْنَ﴾ لأَنَّ الآيات الَّتى تقدّمت فى هذه السّورة عُطِف بعضها على بعض بالواو، وهو قوله ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ.
وَإِنَّنِي بَرِيءٌ﴾
ثمّ قال :﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ وخَتَم الآية بقوله :﴿الظَّالِمُونَ﴾ ليكون آخر الآية [موافقا للأَول.
وأَما فى سورة يونس فالآيات التى تقدمت عطف بعضها على بعض بالفاءِ وهو قوله :﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ ثم قال : فمن أَظلم (بالفاءِ وختم الآية] بقوله :﴿الْمُجْرِمُونَ﴾ أَيضاً موافقة لما قبلها وهو قوله :﴿كَذلك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ فوصفهم بأَنَّهم مجرمون، وقال بعده ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم﴾ فختم الآية بقوله : المجرمون ليعلم أَنَّ سبيل (هؤُلاءِ سبيل) مَن تقدّمهم.


الصفحة التالية
Icon