ولهذا جاز العطف عليه بالاسم نحو قوله : الصّابرين والصّادقين، وجاز العطف عليه بالفعل نحو قوله :﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾، ونحو قوله :﴿سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ فلمّا وقع بينهما ذكر ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ بلفظ الفعل و﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾ بلفظ الاسم ؛ عملا بالشّبَهَين وأُخِّر لفظ الاسم ؛ لأَنَّ الواقع بعده اسمان، والمتقدّم اسم واحد، بخلاف ما فى آل عمران ؛ لأَنَّ ما قبله وما بعده أَفعال.
وكذلك فى يونس والرّوم قبله وبعده أَفعال.
فتأَمّل فيه ؛ فإِنّه من معجزاتِ القرآن.
قوله ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ثمّ قال :﴿قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾ وقال بعدهما ﴿إِنَّ فِي ذالِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ لأَنَّ مَن أَحاط بما فى الآية الأُولى صار عالِماً، لأَنَّه أَشرف العلوم، فختم بقوله : يعلمون ؛ والآية الثانية مشتملة على ما يَستدعى تأمُّلاً وتدبُّراً، والفقه علم يحصل بالتفكُّر والتدبُّر، ولهذا لا يوصف به الله سبحانه وتعالى، فختم الآية بقوله :﴿يَفْقَهُونَ﴾ ومَنْ أَقَرَّ بما فى الآية الثالثة صار مؤمناً حَقًّا، فختم الآية بقوله ﴿يُؤْمِنُوْنَ﴾ وقوله ﴿ذالِكُمْ لآيَاتٍ﴾ فى هذه السّورة، لظهور الجماعات وظهور الآيات (عمَ جميع) الخطاب وجُمع الآيات.
قوله :﴿أَنْشَأَكُمْ﴾، وفى غيرها ﴿خَلَقَكُمْ﴾ لموافقة ما قبلها، وهو ﴿وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ﴾ وما بعدها ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ﴾.


الصفحة التالية
Icon