لم تكن حين رأوا الحقائق الا أن انتفوا من الشرك ونظير هذا في اللغة أن ترى انسانا يحب غاويا فإذا وقع في هلكة تبرأ منه فيقول له ما كانت محبتك اياه الا أن تبرأت منه فأما معنى قولهم (والله ربنا ما كنا مشركين) وقال في موضع آخر (ولا يكتمون الله حديثا) معطوف على ما قبله والمعنى وودوا أن لا يكتموا النبي الله حديثا والدليل على على صحة هذا
القول أنه روي عن سعيد بن جبير في قوله (والله ربنا ما كنا مشركين) قال اعتذروا وحلفوا وكذلك قال ابن أبي نجيح وقتادة وروي عن مجاهد أنه قال لما رأوا الذنوب تغفر الا الشرك والناس يخرجون من النار الا المشركين قال (والله ربنا ما كنا مشركين)
وقول بعض أهل اللغة انما قالوا هذا على أنهم صادقون عند أنفسهم ولم يكونوا ليكذبوا وقد عاينوا ما عاينوا وقطرب يذهب إلى هذا القول وهو قول مردود لأنه قال لم يكونوا ليكذبوا وبعدها (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) ويبين لك الغلط في هذا القول قوله جل وعز (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له) الآية قال مجاهد كذبهم الله وقيل معنى (ولا يكتمون الله حديثا) أنه ظاهر عنده ٢٠ وقوله جل وعز (ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا)
قيل فعل بهم هذا مجازاة على كفرهم وليس المعنى أنهم لا يسمعون ولا يفقهون ولكن لما كانوا لا ينتفعون بما يسمعون ولا
ينقادون إلى الحق كانوا بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم ثم خبر بعنادهم فقال (وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها) لانهم لما رأوا القمر منشقا قالوا سحر فأخبر الله عز وجل بردهم الآيات بغير حجة وقال (حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا الا أساطير الاولين) فخبر أن هذا مقدار احتجاجهم ٢١ وقوله جل وعز (وهم ينهون عنه وينأون عنه) أكثر أهل التفسير يذهب إلى أن المعنى للكفار أي ينهون