هذا يوم القيامة وقد خبر جل وعز عن ابليس أنه كفر بعدما رأى وعنهم أنهم كفروا عنادا وايثارا للرئاسة ٢٧ وقوله جل وعز (جاءتهم الساعة بغتة) البغتة الفجاءة يقال بغتهم الامر يبغتهم بغتا وبغتة ٢٨ ثم قال جل وعز (قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) الفائدة في نداء الحسرة وما كان مثلها مما لا يجيب أن العرب إذا أرادت تعظيم الشئ والتنبيه عليه نادته ومنه قولهم يا عجباه قال سيبويه إذا قلت يا عجباه فمعناه أحضر وتعال يا
عجب فان هذا من أزمانك وإن فهذا أبلغ من قولك تعجبت ومنه قول الشاعر
فيا عجبا من رحلها المتحمل ٢٩ وقوله جل وعز (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) واحد الاوزار وزر والفعل منه وزر يزر يراد به الاثم وهو تمثيل وأصله الوزر وهو الجبل ومنه الحديث في النساء اللواتي خرجن في جنازة فقال لهن (ارجعن موزورات غير مأجورات) قال أبو عبيد والعامة تقول (مأزورات) كأنه لا وجه له عنده لأنه من الوزر ومنه قيل وزير كأنه يحمل الثقل عن صاحبه
٣٠ وقوله جل وعز (فانهم لا يكذبونك) هكذا روي عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أنه قرأ وهو اختيار أبي عبيد واحتج بأنه روي أن أبا جهل قال للنبي ﷺ انا لا نكذبك ولكنا نكذب ما جئت به فأنزل الله عز وجل (فانهم لا يكذبونك) وقد خولف أبو عبيد في هذا وروي (لا نكذبك) فأنزل الله جل وعز (فانهم لا يكذبونك) ويقوي هذا أنه روي أن رجلا قرا على ابن عباس (فانهم لا يكذبونك) فقال له ابن عباس
(فانهم لا يكذبونك) لانهم كانوا يسمون النبي ﷺ الامين ومعنى (يكذبونك) عند أهل اللغة ينسبونك إلى الكذب ويروون عليك ما قلت