وفي المصحف الأميري أن الآيات [ ١٥٣، ١٥٢، ١٥١، ١٤١، ١١٤، ٩٢، ٩١، ٢٣، ٢٠ ] مدنية. وقد تحدثنا عن الآيات [ ٩٢ - ٩١ ] و[ ١٤١ ] و[ ١٥٣ - ١٥١ ] وليس في الآيات [ ١١٤، ٢٣، ٢٠ ] ما يدعو إلى الظن بأنها مدنية إلا ذكر أهل الكتاب فيها. وهذا ليس دليلا فقد ورد مثل هذه في الآيات المكية..
لهذا كله نحن نميل إلى اعتبار الروايات المطلقة، التي تنص على أن السورة نزلت بجملتها في مكة في ليلة واحدة. وقد وردت عن ابن عباس وعن أسماء بنت يزيد، وفي الرواية عن أسماء تحديد للرواية بحادث مصاحب على النحو التالي:
"قال سفيان الثوري عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت:"نزلت سورة الأنعام على النبي ( ﷺ ) جملة وأنا آخذة بزمام ناقة النبى ( ﷺ ) إن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة ".
أما الرواية عن ابن عباس فقد رواها الطبراني قال:
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال:"نزلت الأنعام بمكة ليلة ; جملة واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح"..
وهاتان الروايتان أوثق من الأقوال التي جاء فيها أن بعض الآيات مدنية. وذلك بالإضافة إلى التحليل الموضوعي الذي أسلفنا.
والواقع أن سياق السورة في تماسكه وفي تدافعه وفي تدفقه يوقع في القلب أن هذه السورة نهر يتدفق، أو سيل يتدفع، بلا حواجز ولا فواصل ; وإن بناءها ذاته ليصدق تماما هذه الروايات، أو على الأقل يرجحها ترجيحا قويا.
٨ - عرض سورة الأنعام لموضوعاتها في موجات متدافقة وأمثلة على ذلك
أما موضوع السورة الأساسي وشخصيتها العامة فقد أجملنا الإشارة إليهما في مطلع الحديث عنها. ولكن لا بد من شيء من التفصيل في هذا التعريف.


الصفحة التالية
Icon