ومن هنا تبدأ موجة ثالثة في التعريف بحقيقة الألوهية، متجلية في ملكية الله سبحانه لما في السماوات وما في الأرض، ولما سكن بالليل والنهار. ومتجلية في كونه الرازق الذي يطعم ولا يطعم. فهو من ثم الولي الذي لا ولي غيره. الذي يجب أن يسلم العبيد أنفسهم إليه وحده. وهو الذي يعذب العصاة في الآخرة. وهو الذي يملك الضر والخير. وهو على كل شيء قدير. وهو القاهر فوق عباده. وهو الحكيم الخبير..
وتبلغ الموجة قمتها بعد هذا التمهيد كله، في الإشهاد والمفاصلة بين الرسول ( ﷺ ) وبين القوم، وإنذارهم والتبرؤ من شركهم، وإعلان التوحيد في مواجهتهم، في رنة عالية فاصلة جازمة:
٦ : لمن ما في السماوات والأرض ؟ قل: لله. كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون. وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، قل: أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض، وهو يطعم ولا يطعم ؟ قل: إني أمرت أن أكون أول من أسلم، ولا تكونن من المشركين. قل: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه، وذلك الفوز المبين. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير. وهو القاهر فوق عباده، وهو الحكيم الخبير. قل: أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله شهيد بيني وبينكم، وأوحيإلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ. أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل: لا أشهد. قل إنما هو إله واحد، وإنني بريء مما تشركون)..