(... وهو الذي أنزل من السماء ماء، فأخرجنا به نبات كل شيء، فأخرجنا منه خضرا، نخرج منه حبا متراكبا، ومن النخل من طلعها قنوان دانية، وجنات من أعناب، والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه.. انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه. إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون)..
وهكذا كل مشاهد السورة ومواقفها يتجلى فيها هذا التناسق ويكون طابعها العام.
لون آخر من ألوان التناسق، يمت إلى هذا اللون بصلة كذلك.. مواقف الإشهاد..
إن مشاهد القيامة في السورة تعرض كأنما هي مواقف إشهاد على ما كان من المشركين والمكذبين ; ومواقف تشهير بهم ; وتوجيه للأنظار إلى هذه المواقف.. وقد سبق عرض نماذج منها.. وفي كل منها: (ولو ترى...)
وتلتقي بها مواقف الإشهاد على العقيدة، ومواقف الإشهاد على الشريعة.. كلتاهما سواء.
في أول السورة عند الحديث عن العقيدة في محيطها الشامل يجيء هذا الموقف:
(قل: أي شيء أكبر شهادة ؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم، وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ. أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل: لا أشهد. قل: إنما هو إله واحد، وإنني بريء مما تشركون).
حتى إذا جاء السياق إلى المناسبة الخاصة في السورة، المتعلقة بالعقيدة في قضية التحريم والتحليل أقام مشهدا آخر، ودعا إلى إشهاد على هذه القضية الخاصة، كالإشهاد على تلك القضية العامة، للدلالة على أنها هي هي من ناحية الموضوع ; ولضمان التناسق الذي هو طابع التعبير القرآني العام :
(قل: هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا. فإن شهدوا فلا تشهد معهم، ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة، وهم بربهم يعدلون)..
لون ثالث من ألوان التناسق ; هو التناسق التعبيري الذي يقتضيه التقرير الموضوعي. والذي يتمثل في تكرار عبارات بعينها للدلالة على أنها تعبيرعن حقيقة واحدة في صور متعددة.