الثالث من قوله :﴿إنما يستجيب الذين يسمعون﴾ [ الأنعام : ٣٦ ] فلِما تقدم - والله أعلم بما أراد ؛ ولما تضمنت هذه السورة الكريمة من بسط الاعتبار وإبداء جهات النظر ما إذا تأمله المتأمل علم أن حجة الله قائمة على العباد، وأن إرسال الرسل رحمة ونعمة وفضل وإحسان، وإذا كانت الدلالات مبسوطة والموجودات مشاهدة مفصحة، ودلالة النظر من سمع وأبصار وأفئدة موجدة، فكيف يتوقف عاقل في عظيم رحمته تعالى بإرسال الرسل! فتأكدت الحجة وتعاضدت البراهين، فلما عرف الخلق لقيام الحجة عليهم بطريقي الإصغاء إلى الداعي والاعتبار بالصنعة ؛ قال تعالى :﴿قل فللّه الحجة البالغة﴾ [ الأنعام : ١٤٩ ] ﴿فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة﴾ [ الأنعام : ١٥٧ ] فيما عذر المعتذر بعد هذا؟ أتريدون كشف الغطاء ورؤية الأمر عياناً! لو استبصرتم لحصل لكم ما منحتم، ﴿هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك﴾ [ الأنعام : ١٥٨ ]، ثم ختمت السورة من التسليم والتفويض بما يجدي مع قوله :﴿فلو شاء لهداكم أجمعين﴾ [ الأنعام : ١٤٩ ] وحصل من السور الأربع بيان أهل الصراط المستقيم وطبقاتهم في سلوكهم وما ينبغي لهم التزامه أو تركه، وبيان حال المتنكبين عن سلوكه من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان والمجوس - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٨١ ـ ٥٨٦﴾
فصل
قال الثعلبى :