قال السدي : بعث اللّه جبرئيل إلى الأرض ليأتيه بطينة منها فقالت الأرض : إني أعوذ باللّه منك أن تنقص مني فرجع ولم يأخذ، وقال : يا ربّ إنها عاذت بك، فبعث ميكائيل فاستعاذت فرجع فبعث ملك الموت فعاذت منه باللّه فقال : أنا أعوذ باللّه أن أخالف أمره فأخذ من وجه الأرض وخلط التربة الحمر والسودا والبيضاء فلذلك اختلفت ألوان بني آدم ثم عجنها بالماء العذب والمالح والمر فلذلك اختلفت أخلاقهم فقال اللّه عز وجل لملك الموت رَحِمَ جبرئيل وميكائيل الأرض ولم ترحمها لا جرم أجعل أرواح من أخلق من هذا الطين بيدك.
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال :" إن اللّه خلق آدم من تراب جعله طيناً ثم تركه حتى كان حمأً مسنوناً خلقه وصوّره ثم تركه حتى إذا كان صلصالاً كالفخار [ فكان إبليس يمرّ به فيقول ] خلقت لأمر عظيم ثم نفخ اللّه فيه روحه ". (١) أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
_________
(١) أيضا هذه الرواية تفتقر إلى سند صحيح.
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ﴾ الآية خبر، وفي معناه قولان : أحدهما وهو الأشهر، وعليه من الخلق الأكثر، أن المراد آدم عليه السلام والخلق نَسْله، والفرع يضاف إلى أصله ؛ فلذلك قال :"خَلَقَكُمْ" بالجمع ؛ فأخرجه مخرج الخطاب لهم إذ كانوا ولده ؛ هذا قول الحسن وقَتَادة وابن أبي نَجِيح والسُّديّ والضّحاك وابن زيد وغيرهم.
الثاني أن تكون النطفة خلقها الله من طين على الحقيقة ثم قلبها حتى كان الإنسان منها ؛ ذكره النحاس.
قلت : وبالجملة فلما ذكر جل وعز خلق العالم الكبير ذكر بعدهُ خلق العالم الصغير وهو الإنسان، وجعل فيه ما في العالم الكبير، على ما بينّاه في "البقرة" في آية التوحيد ( والله أعلم ) والحمد لله.