الثاني : بكونه مسمى عنده، لأن الماضين لما ماتوا صارت آجالهم معلومة، أما الباقون فهم بعد لم يموتوا فلم تصر آجالهم معلومة، فلهذا المعنى قال :﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ والثاني : أن الأجل الأول هو أجل الموت والأجل المسمى عند الله هو أجل القيامة، لأن مدة حياتهم في الآخرة لا آخرة لها ولا انقضاء ولا يعلم أحد كيفية الحال في هذا الأجل إلا الله سبحانه وتعالى.
والثالث : الأجل الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت.
والثاني : ما بين الموت والبعث وهو البرزخ.
والرابع : أن الأول : هو النوم والثاني : الموت.
والخامس : أن الأجل الأول مقدار ما انقضى من عمر كل أحد، والأجل الثاني : مقدار ما بقي من عمر كل أحد.
والسادس : وهو قول حكماء الإسلام أن لكل إنسان أجلين : أحدهما : الآجال الطبيعية.
والثاني : الآجال الاخترامية.
أما الآجال الطبيعية : فهي التي لو بقي ذلك المزاج مصوناً من العوارض الخارجية لانتهت مدة بقائه إلى الوقت الفلاني، وأما الآجال الاخترامية : فهي التي تحصل بسبب من الأسباب الخارجية : كالغرق والحرق ولدغ الحشرات وغيرها من الأمور المعضلة، وقوله ﴿مُّسمًّى عِندَهُ﴾ أي معلوم عنده أو مذكور اسمه في اللوح المحفوظ، ومعنى عنده شبيه بما يقول الرجل في المسألة عندي أن الأمر كذا وكذا أي هذا اعتقادي وقولي.
فإن قيل : المبتدأ النكرة إذا كان خبره ظرفاً وجب تأخيره فلم جاز تقديمه في قوله ﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ﴾
قلنا : لأنه تخصص بالصفة فقارب المعرفة كقوله ﴿وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكٍ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٢٧ ـ ١٢٨﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ قضى أَجَلاً ﴾ مفعول.
﴿ وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ﴾ ابتداء وخبر.