قال أبو حيَّان :" وهذا الذي ذَكَر من كَوْنِهِ مُسَوِّغاً للابتداء بالنكرة لكونها وُصِفَتْ لا تتعيَّنُ، لجواز أنْ يكونَ المُسَوِّغُ التفصيلَ " ثُمَّ أنشد البيت :
- ٢١٠٥ إذَا مَا بَكَى...............
قال شهابُ الدين : والزمخشري لم يَقُلْ : إنَّهُ تعيَّن ذلك حتَّى يُلْزِمَهُ به، وإنَما ذكر أشْهَرَ المسَّوغات فإنَّ العطف والتفصيل قَلَّ مَنْ يذكرُهما في المسوِّغات.
قال الزمخشري :" فإنْ قٌلت : الكلامُ السَّائِرُ أن يُقال :" عندي ثَوْبٌ جيَّدٌ، ولي عبدٌ كَيِّسٌ " فما أوجب التقديم؟.
قلت : أوجبه أنَّ المعنى : وأيُّ أجَلٍ مسمى عنده، تعظيماً لشأن الساعة، فلمَّا جرى فيها هذا المعنى أوجب التقديم ".
قال أبو حيان : وهذا لا يجوز ؛ لأنه إذا كان التقدير : وأيُّ أجلٍ مسمى عنده كانت " أي " صفة لموصوف محذوف تقديره : وأجل مسمى عنه ولا يجوز حذفُ الصفةِ إذا كانت " أيّا " ولا حَذْفٌ موصوفها وإبقاؤها.
لو قلت :" مررتُ بأيِّ رجل " تريدُ برجلٍ أيِّ رجل م يَجُزْ.
قال شهاب الدين : ولم أدْرِ كيف يؤاخَدُ من فَسَّر معنّى بلفظٍ لم يَدِّع أن ذلك اللًّفْظَ هُوَ أصْلُ كلام المفسر، بل قال : معناه كيت وكيت؟ فكيف يلزمه أنْ يكَون ذلك الكلام الذي فَسَّر به هو أصْل ذلك المُفَسِّر؟ على أنَّه قَدْ وَرَدَ حَذْفُ موضوف " أيّ " وإبقاؤها كقوله :[ المتقارب ]
٢١٠٦ - إذا حَارَبَ الحَجَّاجُ أيَّ مُنَافِقِ...
عَلاَهُ بِسَيفٍ كُلمَّاً هَزَّ يَقْطَعُ
فصل في معنى " قضى "
والقضاء قد يَرِدُ بمعنى الحكم، والأمر قال تعالى :﴿ وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ [ الإسراء : ٢٣ ] وبمعنى صفة الفعل إذا تَمَّ، قال تعالى :﴿ وَقَضَيْنَآ إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكتاب ﴾ [ الإسراء : ٤ ] وبمعنى صفة الفعل إذا تَمَّ، قال تعالى :﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَات ﴾ [ فصلت : ١٢ ] ومنه قولهم :" قضى فلان حاجةَ فلانٍ ".