وإذا ثبت هذا فنقول : إن هذا يدل من بعض الوجوه، على أنه تعالى منزّه عن الشبيه في اللذات والصفات والأفعال وذلك لأن قوله ﴿الحمد للَّهِ﴾ جار مجرى مدح النفس وذلك قبيح في الشاهد، فلما أمرنا بذلك دلّ هذا على أنه لا يمكن قياس الحق على الخلق، فكما أن هذا قبيح من الخلق مع أنه لا يقبح من الحق، فكذلك ليس كل ما يقبح من الخلق وجب أن يقبح من الحق.
وبهذا الطريق وجب أن يبطل كلمات المعتزلة في أن ما قبح منا وجب أن يقبح من الله.
إذا عرفت بهذا الطريق أن أفعاله لا تشبه أفعال الخلق، فكذلك صفاته لا تشبه صفات الخلق، وذاته لا تشبه ذوات الخلق، وعند هذا يحصل التنزيه المطلق والتقديس الكامل عن كونه تعالى مشابهاً لغيره في الذات والصفات والأفعال، فهو الله سبحانه واحد في ذاته، لا شريك له في صفاته، ولا نظير له واحد في أفعاله لا شبيه له تعالى وتقدس والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٢٢﴾
قوله سبحانه ﴿الذى خَلَقَ السموات والأرض﴾
أسئلة وأجوبة
السؤال الأول : أن قوله ﴿الحمد للَّهِ الذى خَلَقَ السموات والأرض﴾ جار مجرى ما يقال : جاءني الرجل الفقيه.
فإن هذا يدل على وجود رجل آخر ليس بفقيه، وإلا لم يكن إلى ذكر هذه الصفة حاجة كذا ههنا قوله ﴿الحمد للَّهِ الذى خَلَقَ السموات والأرض﴾ يوهم أن هناك إلهاً لم يخلق السموات والأرض، وإلا فأي فائدة في هذه الصفة ؟
والجواب : أنا بينا أن قوله ( الله ) جار مجرى اسم العلم.
فإذا ذكر الوصف لاسم العلم لم يكن المقصود من ذكر الوصف التمييز، بل تعريف كون ذلك المعنى المُسَمّى، موصوفاً بتلك الصفة.
مثاله إذا قلنا الرجل العالم، فقولنا : الرجل اسم الماهية، والماهية تتناول الأشخاص المذكورين الكثيرين.
فكان المقصود ههنا من ذكر الوصف تمييز هذا الرجل بهذا الاعتبار عن سائر الرجال بهذه الصفة.


الصفحة التالية
Icon