أما إذا قلنا : زيد العالم، فلفظ زيد اسم علم، وهو لا يفيد إلا هذه الذات المعينة، لأن أسماء الأعلام قائمة مقام الإشارات.
فإذا وصفناه بالعلمية امتنع أن يكون المقصود منه تمييز ذلك الشخص عن غيره، بل المقصود منه تعريف كون ذلك المسمى موصوفاً بهذه الصفة.
ولما كان لفظ ( الله ) من باب أسماء الأعلام، لا جرم كان الأمر على ما ذكرناه والله أعلم.
السؤال الثاني : لم قدم ذكر السماء على الأرض، مع أن ظاهر التنزيل يدل على أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء ؟
والجواب : السماء كالدائرة، والأرض كالمركز، وحصول الدائرة يوجب تعين المركز ولا ينعكس، فإن حصول المركز لا يوجب تعين الدائرة لإمكان أن يحيط بالمركز الواحد دوائر لا نهاية لها، فلما كانت السماء متقدمة على الأرض بهذا الاعتبار وجب تقديم ذكر السماء على الأرض بهذا الاعتبار.
السؤال الثالث : لم ذكر السماء بصيغة الجمع والأرض بصيغة الواحد مع أن الأرضين أيضاً كثيرة بدليل قوله تعالى ﴿وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ﴾ [ الطلاق : ١٢ ].
والجواب : أن السماء جارية مجرى الفاعل والأرض مجرى القابل.
فلو كانت السماء واحدة لتشابه الأثر، وذلك يخل بمصالح هذا العالم.
أما لو كانت كثيرة اختلفت الاتصالات الكوكبية فحصل بسببها الفصول الأربعة، وسائر الأحوال المختلفة، وحصل بسبب تلك الاختلافات مصالح هذا العالم.
أما الأرض فهي قابلة للأثر والقابل الواحد كاف في القبول، وأما دلالة الآية المذكورة على تعدد الأرضين فقد بينا في تفسير تلك الآية كيفية الحال فيها والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٢٣﴾
وقال ابن عاشور :
وجمع :﴿ السماوات ﴾ لأنّها عوالم كثيرة، إذ كلّ كوكب منها عالم مستقلّ عن غيره، ومنها الكواكب السبعة المشهورة المعبّر عنها في القرآن بالسماوات السبع فيما نرى.