قالوا : الله خالق النور، والشيطان خالق الظلمة، فأنزل الله تعالى إكذاباً لقولهم، ورداً عليهم، فقال :﴿ وَجَعَلَ الظلمات والنور ﴾ يعني : أن الله واحد لا شريك له، وهو الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي خلق الظلمات والنور ﴿ ثْمَّ الذين كَفَرُواْ ﴾ يعني : المجوس ﴿ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ يعني : يشركون.
ويقال ﴿ ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ يعني : مشركي مكة ﴿ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ يعني : يعبدون الأصنام. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
ومن فوائد ابن عطية فى الآية
قال رحمه الله :
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) ﴾
هذا تصريح بأن الله تعالى هو الذي يستحق الحمد بأجمعه. لأن الألف واللام في ﴿ الحمد ﴾ لاستغراق الجنس، فهو تعالى له الأوصاف السنية والعلم والقدرة والإحاطة والإنعام، فهو أهل للمحامد على ضروبها وله الحمد الذي يستغرق الشكر المختص بأنه على النعم، ولما ورد هذا الإخبار تبعه ذكر بعض أوصافه الموجبة للحمد، وهي الخلق " للسماوات والأرض " قوام الناس وأرزاقهم، ﴿ والأرض ﴾ ها هنا للجنس فإفرادها في اللفظ بمنزلة جمعها، والبادي من هذا الترتيب أن السماء خلقت من قبل الأرض، وقد حكاه الطبري عن قتادة، وليس كذلك لأن الواو لا ترتب المعاني، والذي ينبني من مجموع آي القرآن أن الله تعالى خلق الأرض ولم يدحها ثم استوى إلى السماء فخلقها ثم دحا الأرض بعد ذلك، و﴿ جعل ﴾ ها هنا بمعنى خلق لا يجوز غير ذلك، وتأمل لم خصت ﴿ السماوات والأرض ﴾ ب ﴿ خلق ﴾ و﴿ الظلمات والنور ﴾ ب ﴿ جعل ﴾ ؟ وقال الطبري ﴿ جعل ﴾ هذه هي التي تتصرف في طرق الكلام كما تقول جعلت كذا فكأنه قال وجعل إظلامها وإنارتها.


الصفحة التالية
Icon