وقال ابن عطية : فالأولى في ﴿ لقضي الأمر ﴾ أي لماتوا من هول رؤيته.
وقال الزمخشري : لقضي أمر إهلاكهم.
﴿ ثم لا ينظرون ﴾ بعد نزوله طرفة عين إما لأنهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله ﷺ في صورته، وهي أنه لا شيء أبين منها وأيقن، ثم لا يؤمنون كما قال ولو إننا نزلنا إليهم الملائكة لم يكن بد من إهلاكهم كما أهلك أصحاب المائدة، وأما لأنه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزول الملائكة، فيجب إهلاكهم وإما لأنهم إذا شاهدوا ملكاً في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون ؛ انتهى.
والترديد الأول بإما قول ابن عباس، والثالث قول تلك الفرقة، وقوله : كما أهلك أصحاب المائدة، لأنهم عنده كفار وقد تقدّم الكلام فيهم في أواخر سورة العقود، وذكر أبو عبد الله الرازي الأوجه الثلاثة التي ذكرها الزمخشري ببسط فيها.
وقال التبريزي في معنى ﴿ لقضي الأمر ﴾ قولان : أحدهما : لقامت القيامة لأن الغيب يصير عندها شهادة عياناً.
الثاني : الفزع من إهلاكهم لأن السنة الإلهية جارية في إنزال الملائكة بأحد أمرين : الوحي أو الإهلاك، وقد امتنع الأول فيتعين الثاني ؛ انتهى.
فعلى هذا القول يكون معنى قوله ﴿ وقالوا لولا أنزل عليه ملك ﴾ أي بإهلاكنا.
قال الزمخشري : ومعنى ثم بعدما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الإنظار جعل عدم الإنظار أشد من قضاء الأمر، لأن مفاجأة الشدّة أشد من نفس الشدّة ؛ انتهى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon